لم يكن يدرى "مارك زوكربيرج" الطالب فى جامعة "هارفاد" أن إنشاءه موقع الفيس بوك كساحة للتواصل مع زملائه فى ذات الجامعة، سوف يصبح فى يوم ما ساحة عالمية لقطاع كبير من الشباب يعبرون به عما فى صدورهم، وما لا يقدرون على البوح به جهراً أو علانية، ربما لعدم وجود منفذ سياسى لهم يعبرون من خلاله عن آمالهم وطموحاتهم ومشاكلهم، أو ربما لغياب الثقافة السياسية التى بإمكانها أن ترسم لهم الطريق الصحيح للتعبير عن آمالهم من خلال قنوات شرعية تحفظهم بمنأى عن أية أفكار متطرفة.
ومهما اختلفت الأسباب، أو الدوافع، إلا أننا أمام ظاهرة واضحة وهى أن الفيس بوك أصبح من المواقع الهامة فى التوصل إلى توجهات قطاع كبير من الشباب والشابات ليس فى القاهرة فحسب بل فى سائر المحافظات الأخرى، ومن هنا كان لابد لنا من أن نلقى الضوء على أفكار هؤلاء الشباب فى انتخابات مجلس الشعب 2010.
الشباب هم مستقبل أى أمة، فما بين إخوانى ووطنى وحزبى، أسس ما يقرب من سبعون جروب على أكثر شبكات التواصل الاجتماعى "الفيس بوك"، والمثير للدهشة فى هذا الأمر أن عشرة فقط من تلك الجروبات هى التى تحمل علم مصر، بينما الآخرون يحملون خلف صورهم إما آيات قرآنية أو شعارات إسلامية أو لوجو الحزب الوطنى الديمقراطى أو الأحزاب التى ينتمون إليها.
وفى سابقة جديدة من نوعها أيضاً اشترك معظم مرشحى المحافظات فى الدعاية من خلال الفيس بوك، فاتسعت الدعاية حتى شملت محافظات ودوائر عدة بينها الدقهلية وكفر الدوار وميت غمر والجمالية وامبابة... وغيرها
ومن جانب الإخوان المسلمون فقد قاموا بتأسيس جروب يحمل اسم "أؤيد جماعة الإخوان فى الانتخابات. الإسلام هو الحل" وجاء فى تعريفهم الشخصى أنهم أنشأوا الجروب لدعم مرشحى الإخوان فى الانتخابات المصرية، هذا وقد بلغ عددهم حتى نهاية شهر سبتمبر نحو الأربعة آلاف عضو، وهم فى تزايد مستمر..
وعلى الجانب الآخر احتد الصراع بين فريقين متنافرين أحدهما يدعو للمشاركة فى الانتخابات وحث الشباب على النهوض بمستقبل أمتهم، بينما الآخر يدعو إلى وقف مجلس الشعب نفسه! ولم يقدم لنا هذا الجروب الحلول البديلة فى الحياة الدستورية عندما يحل مجلس الشعب، وإنما اكتفى بالتعبير عن هدفهم من حل المجلس فقالوا:
لما كان أي نظام حكم ديمقراطي قوامه الرئيسي هو صوت الشعب وحقه في اختيار نوابه، ولما كان نائب البرلمان هو من ينوب عن الشعب في تشريع القوانين والرقابة على السلطة التنفيذية... ولانقسام قوى المعارضة بين مؤيد ومعارض للمشاركة في الانتخابات البرلمانية دون رفض إجرائها ذاته، لذا كان لزاماً علينا أن ندعوا دعوة صادقة لحشد القوى الجماهيرية والوطنية والإعلامية والقانونية لإيقاف تلك الانتخابات الزائفة التي تسلب الشعب إرادته وحريته، والحيلولة دون إجراء تلك الانتخابات إلا بتحقيق مطالب الشعب السبعة المتوافق عليها كحد أدنى وهي:
1. إنهاء حالة الطوارئ.
2. تمكين القضاء المصري من الإشراف الكامل على العملية الانتخابية برمتها.
3. الرقابة على الانتخابات من قبل منظمات المجتمع المدني المحلى والدولي.
4. توفير فرص متكافئة في وسائل الإعلام لجميع المرشحين وخاصة في الانتخابات الرئاسية.
5. تمكين المصريين في الخارج من ممارسة حقهم في التصويت بالسفارات والقنصليات المصرية.
6. كفالة حق الترشح في الانتخابات الرئاسية دون قيود تعسفية، وقصر حق الترشح للرئاسة على فترتين.
7. تعديل المواد 76 و77 و88 من الدستور في أقرب وقت ممكن.
أما مركز ابن خلدون فقد قام بتأسيس جروب يهدف إلى تحالف الشعب لمراقبة الانتخابات، حيث نظم المركز دورات تدريبية للشباب لمراقبة الانتخابات، هذا وتتجه معظم منظمات المجتمع المدنى فى هذا الإطار لتدريب الشباب على كيفية المراقبة وعقد دورات تدريبية لهم، هذا إلى جانب برنامج إعداد القيادات النسائية للانتخابات البرلمانية 2010 بالتعاون مع المعهد الدنماركى المصرى للحوار.
وأمام تلك التيارات المتناحرة بين الشباب يجدر بنا السؤال: هل إذا أخفقت هذه الانتخابات في إيجاد مؤسسات مدنية ينفس من خلالها الشباب عن طموحاتهم وآمالهم، هل بإمكان الانتخابات القادمة أو على الأقل الانتخابات الرئاسية إيجاد مثل تلك المؤسسات التى تحفظ الشباب من أى آراء متطرفة ضد مصلحة الوطن أو الدين. متى سيتحقق هذا الأمر؟